"أعطني رافعةً طويلةً بما فيه الكفاية ومكاناً لأقف عليه، ويمكنني تحريك الأرض" - أرخميدس.
لديك خياران لرفع جسمٍ ثقيل: إما أن تستخدم رافعةً أو لا، حيث يمكنك محاولة رفع الجسم بشكلٍ مباشرٍ -وهذا قد يُعَرّضك للإصابة- أو يمكنك استخدام رافعة، مثل لوحٍ طويلٍ من الخشب لنقل بعض الأوزان ومن ثم رفع الجسم بهذه الطريقة. ماهي الطريقة الأكثر حكمةً؟ هل ستنجح دون استخدام الرافعة؟ ربما، لكن يمكنك رفع المزيد بوجودها، والقيام بذلك بسهولةٍ أكبر. إذن ما علاقة ذلك بحياتك الشخصية والمهنية؟ الجواب هو "الكثير". لأنّك من خلال تطبيق مفهوم الرافعة على عملك ونجاحك المهنيّ ستتمكّن مع القليل من التفكير إنجاز أكثر بكثير مما تستطيع إنجازه بدونها. لأنّك بدون الرافعة قد تعمل بجدّ لكن مكافآتك ستبقى مُحَدّدةً بعدد الساعات التي تلتزم بها، لكن مع الرافعة ستتمكّن من قطع هذا الارتباط بين الوقت والمكافأة وتحقيق المزيد في الوقت المناسب.
ملحوظة: نحن لا نتحدّث هنا عن الرافعة المالية. حيث يمكن أن تكون الرافعة الماليّة استراتيجيّة نموٍّ ناجحة من خلال استخدام أموال الآخرين لتطوير أعمالك، ومع ذلك فهذا الموضوع خارج نطاق مقالنا هذا.
رافعة النجاح:
كيف يمكنك تطبيق مبدأ الرافعة على حياتك المهنية؟ وكيف يمكنك تحقيق المزيد مع اختيارك تقليل عدد ساعات العمل؟
للقيام بذلك ستحتاج إلى معرفة كيفية استخدام الرافعة عبر أربعة نقاط:
- الوقت (وقتك ووقت الآخرين).
- الموارد.
- المعرفة والتعلّم.
- التكنولوجيا.
1. رافعة الوقت:
إنّ استخدام رافعة الوقت هي الاستراتيجية الأساسيّة للنجاح، لا يوجد سوى عددٌ قليلٌ من الساعات للعمل خلال اليوم وإذا كنت تستخدم "وقتك فقط" فيمكنك تحقيق "الكثير فقط"، لكن إن كنت تستفيد من وقت الآخرين أيضاً فيمكنك زيادة الإنتاجية إلى حدٍّ غير عاديّ.
1. 1. الاستفادة من وقتك:
للاستفادة من وقتك عليك القيام بما يلي:
- ممارسة الإدارة الفعالة للوقت: تخلّص من الأنشطة غير الضرورية وركز جهودك على الأشياء الهامة حقاً.
- تعلّم كيفية تحديد الأولويات بحيث تركّز طاقاتك على الأنشطة التي تحقق أكبر عائدٍ للوقت المستثمر.
- استخدم تحديد الأهداف للتفكير بما يهمك حقاً على المدى الطويل، وقم بوضع أهداف واضحة، وحفّز نفسك لتحقيق تلك الأهداف.
1. 2. الاستفادة من وقت الآخرين:
للاستفادة من وقت الآخرين عليك القيام بما يلي:
- تعلّم كيفيّة تفويض العمل لأشخاص آخرين.
- قم بتدريب وتمكين الآخرين (من خلال بناء الفريق).
- جلب الخبراء والاستشاريين لتغطية الفجوات الموجودة في المهارات أو المعرفة.
- الاستعانة بمصادر خارجيّة لإنجاز المهام التي تتطلب أفراداً ذوي خبرة للقيام بها بشكلٍ أكثر كفاءة.
الشرط هنا أن تقوم بالأمور بشكلها الصحيح، حيث يجب أن يتمّ استهلاك الوقت والمال المخصص للاستفادة من وقت الآخرين بشكلٍ جيدٍ.
من وقتٍ لأخر، تذكر أنه عليك دوماً "الدفع" مُقَدّماً بطريقةٍ أو بأخرى من أجل الحصول على أكبر عائدٍ ممكنٍ من استخدام هذه الرافعة.
2. رافعة الموارد:
يمكنك أيضاً استخدام الرافعة لتحقيق أقصى استفادة من الأصول الخاصة بك، والاستفادة الكاملة من نقاط قوتك الشخصية.
لديك مجموعةٌ واسعةٌ من المهارات والمواهب والخبرات والأفكار، لذا يجب أن تستخدم هذا المزيج بأفضل شكلٍ ممكن، اسأل نفسك الأسئلة التالية:
- ماهي المهارات ونقاط القوة ذات الصلة بعملك والتي لا يتمتّع بها الأخرون؟
- كيف يمكنك استخدام هذه النقاط لتحقيق أفضل تأثير؟ وكيف يمكن تحسينها لتصبح مفيدةً للغاية؟
- ماهي الأصول ذات الصلة والتي تملكها دون الآخرين؟
- كيف يمكنك استخدام هذه الأصول لتحقيق القوة؟
- هل تملك اتصالاتٍ لا يملكها الأخرون؟ أو موارد مالية؟ أو بعض الأصول التي يمكنك استخدامها لخلق المزيد من التأثير؟
هناك طريقةٌ جيّدةٌ للتفكير بذلك من خلال القيام بتحليل SWOT شخصي، مع التركيز على تحديد نقاط القوة والأصول، والتوسّع في ذلك لتحديد الفرص التي توفرها لك. (إن ميزة استخدام تحليل SWOT أنه يساعدك أيضاً على اكتشاف نقاط الضعف الحرجة التي يجب تغطيتها).
تلميح: أثناء قيامك بذلك فكّر بالطريقة التي يمكنك من خلالها مساعدة الآخرين بنقاط قوتك ومواردك. تذكّر أنك عندما تُقَدّم ذلك للأخرين ستحصل على مقابل (فقط كن متأكداً من وضوح كيفية الحصول على هذا المقابل).
3. رافعة المعرفة والتعليم:
مستوىً آخر من النّجاح يتمّ تطبيقه من خلال المعرفة، إنّ جمع العمل مع التعلّم يمكن أن يخلق تأثيراً هائلاً.
التعلّم عن طريق التجربة عمليّةٌ بطيئةٌ ومؤلمة، لذا إن تمكنت من إيجاد طريقةٍ أكثر رسميّة للتعلّم فسوف تتقدّم بسرعةٍ أكبر، كما يمكنك القيام بارتياد دورة تعليميّة جيّدة وبذلك سيكون لديك أساسٌ علميٌّ متين، ولن تواجه ثغرات عالية الخطورة في تعلّمك. لهذا السبب فإن الأشخاص الذين يعملون في مجالاتٍ يكون الأساس فيها هو الحياة والموت يحتاجون إلى تدريبٍ طويل وشامل (هذا ينطبق على المهندسين المعماريين، والطيارين في شركات الطيران، والأطباء وغيرهم) ففي النهاية لا يرغب أيُّ أحدٍ بإجراء عمليّةٍ جراحيّةٍ بواسطة جَرَّاحٍ غير مؤهل.
على الرغم من أنّ قلّةً من الأشخاص يعملون في مثل هذه الوظائف الحساسة للغاية إلا أنّ تحديد ما تحتاج إلى معرفته، ثم اكتساب هذه المعرفة يمكن أن يجنّبك سنواتٍ عديدةٍ من التجربة البطيئة والمؤلمة القائمة على التعلّم من أخطائك.
بنفس الطريقة سيكون من غير الفعّال أن يتعلّم العديد من الأشخاص في المنظمات من خلال التجربة والخطأ. بالطبع هناك طرقٌ أفضل بكثيرٍ بالنسبة للمنظمات لالتقاط المعرفة المكتسبة لدى الفئة القليلة ونقلها للآرين، وفي الواقع هذا هو جوهر "إدارة المعرفة".
مفاتيح الاستفادة من رافعة المعرفة والتعلّم هي:
- أولاً: معرفة ما تحتاج إلى تعلّمه.
- ثانياً: معرفة إلى أيّ مستوىً تحتاج إلى تعلّمه.
- ثالثاً: أن تكون شديد التركيز وانتقائياً في خياراتك.
- رابعاً: تحديد الوقت اللازم لكسب المؤهلات التي تحتاج إليها.
مع ذلك فإن الحصول على المزيد من التعلم والمزيد من المعرفة ليست بالضرورة نقطة قوّة، لأنّ هذه القوّة تصبح مزايا فقط عندما تتمكّن من تطبيقها بشكلٍ مباشرٍ على أهدافك وطموحاتك المهنية - وعندما يتمّ استخدامها بنشاطٍ وذكاء لإنجاز أمرٍ ما.
من خلال التعاقد مع الآخرين والتشاور معهم والاستعانة بمصادر الآخرين الخارجيّة يمكنك الحصول على الفائدة من معارفهم، ومعرفتهم، وكذلك مواردهم. سيكون هذا الخيار جيداً فقط إن تمكّنت من اختيار الأشخاص المناسبين. يمكن أن يسبّب اختيارك الخاطئ للأشخاص لحدوث نتائج سلبيّة، لاتدع هذا الأمر يحدث.
4. رافعة التكنولوجيا:
يدور موضوع قوة التكنولوجيا حول إيجاد كلّ ما أنت بحاجةٍ إليه لأداء عملك، واستخدام التكنولوجيا وأتمتة أكبر قدر ممكن من ذلك.
على مستوىّ بسيط قد يعني إيجاد كلّ ما تحتاج إليه لإبقائك على اتصالٍ بالمنزل والعمل هو وجود الكمبيوتر. لكن بدلاً من ذلك يمكن للمساعد الرقمي PDA أن يساعدك في الحفاظ على نظام مناسب لإدارة الوقت وتقديم الدعم الكافي. كما تعدُّ الهواتف المحمولة التي تصلك بالبريد الإلكتروني وتسمح لك بتصفح الويب وسيلةً لتحقيق أقصى استفادةٍ من وقت التوقف أثناء ساعات العمل أو أثناء السفر.
وإن كنت بطيئاً في الكتابة فيمكن أن يساعدك برنامج "التعرّف الصوتي" على تعبئة المستندات وتوفير الوقت.
على مستوىً أكثر تطوراً قد تجد أنّه يمكنك استخدام قواعد بيانات سطح المكتب البسيطة مثل "مايكروسوفت أكسس Microsoft Access" وذلك لمساعدتك في أتمتة العمليات البسيطة. وإن قمت بالكثير من عملياتِ معالجةِ البيانات الروتينية (مثل تشغيل العديد من المشاريع المتشابهة)، يمكنك أن تجد أنّ هذا التطبيق يُوَفّر عليك الكثير من الوقت. وفوق كلّ ذلك ما عليك سوى القيام بإعداد العمليّة لمرّةٍ واحدةٍ باستخدام مثل هذه الأداة وبعد ذلك سيتمّ تنفيذ العمليّة بنفس الطريقة كلّ مرة، ومن قبل أيّ شخصٍ يقوم بالعمليّة (سوف يساعد ذلك على تقليل حاجات التدريب مما يعني أنّ الأعضاء الجدد يمكن أن يصبحوا أكثر انتاجاً بسرعةٍ أكبر، وهذا يعني أنّه يمكنك توسيع نطاق عملياتك، ونجاحك بشكلٍ أكبر).
يمكن للمنظمات الاختيار بين مجموعةٍ واسعةٍ من حلول البرمجيات. حيث يمكن لبعض هذه الحلول أتمتة وتبسيط المهام التي تستغرق وقتاً طويلاً للغاية. على سبيل المثال: إنّ قواعد بيانات إدارة علاقات العملاء CRM قد تحقق فوائد هائلة لمنظّمات التسويق وخدمة العملاء، كما أنّ أنظمة تخزين نقاط البيع POS تساعد المنظمات التي تحتاج إلى تتبع وإدارة عمليات الجرد لديها.
يمكن أن توفّر مواقع الويب والمواقع المستندة إلى الفهارس للعملاء وصولاً سهلاً لكلّ ما يخصّ تحديث معلومات المنتج، ومساعدتهم على تقديم الطلبات بسهولة وبساطةٍ أكبر. كما تساعد المدوّنات والرسائل الإخبارية المتصلة بالبريد الإلكتروني الأشخاص للبقاء على اتصالٍ مع آلاف الأشخاص بسهولةٍ وسرعة. كلّ هذه الأشياء تستخدم التكنولوجيا لتوفير الكثير من الجهود.