اضطراب الشخصية هو نمط دائم من الانفعالات الداخلية والمشاعر والسلوك الخارجي، الذي ينحرف عن القاعدة العامة للأشخاص الأسوياء، ويظهر هذا النمط في مجالين أو أكثر من المجالات التالية: الإدراك، العاطفة والوجدان، التفاعل مع الأشخاص المحيطين، السيطرة على الانفعالات، ويكون هذا النمط دائمًا وغير مرن ويسيطر على المواقف الشخصية والاجتماعية.
وعادة ما يؤدي إلى ضعف في التفاعل الاجتماعي، أو مجالات التعامل الأخرى، ويكون هذا الاضطراب مستمرًا وطويل الأمد، وعادة ما تكون بدايته في مرحلة البلوغ أو المراهقة، نتناول اليوم أحد هذه الاضطرابات وهو اضطراب الشخصية القهرية، ونتعرف إلى ماهيته، وكيف يمكنك التعامل مع الشخص المصاب بهذا الاضطراب.
ما هي الشخصية القهرية؟
اضطراب الشخصية القهرية هو اضطراب في الشخصية يتميز بالميل الشديدة نحو الكمال، والنظام والأناقة، ويشعر الأشخاص المصابون به بالحاجة الماسة لفرض معاييرهم الخاصة على بيئتهم الخارجية، ويتمتع الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية القهرية بالخصائص التالية:
1-يجدون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم.
2- لديهم صعوبة في تكوين علاقات وثيقة مع الآخرين، والحفاظ عليها.
3- يعملون بجد، لكن هوسهم بالكمال يمكن أن يجعلهم غير فعالين.
4- غالبًا ما يشعرون بالسخط والغضب.
5-غالبًا ما يواجهون العزلة الاجتماعية.
6-عادة ما يصابون بالقلق الذي يصاحبه الاكتئاب.
غالبًا ما يتم الخلط بين اضطراب الشخصية القهرية واضطراب القلق المسمى اضطراب الوسواس القهري، وهما ليسا الشيء نفسه، فعلى عكس المصابين بالوسواس القهري، لا يدرك الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية القهرية وجود أي خطأ في طريقة تفكيرهم أو سلوكهم، بل يعتقدون أن طريقة تفكيرهم وفعلهم للأشياء هي الطريقة الصحيحة الوحيدة، وأن الآخرين مخطئون.
كيفية التعامل مع الشخصية القهرية
أولئك الذين يعيشون مع شخص مصاب باضطراب الشخصية القهرية يجدونها تجربة صعبة، وغالبًا ما يشعرون بأنهم لا يستطيعون تلبية توقعات الشخص ويتعرضون للنقد المستمر، كذلك قد يواجه زملاء العمل صعوبة في العمل مع الشخص المصاب الذي غالبًا ما يعمل بشكل جيد جدًا بمفرده، لكنه قد يواجه صعوبة في العمل في مشاريع جماعية، وقد يراه زملاء العمل صارمًا للغاية وحاسمًا، وفي بعض الأحيان يمكن أن يؤدي هذا إلى فقدان الوظيفة بسبب الصراع.
أهم شيء يمكنك القيام به في التعامل مع الشخص المصاب باضطراب الشخصية القهرية هو إدراك أن السلوك الذي يظهره هو جزء من شخصيته، وهي صفات دائمة في التركيب النفسي لهذا الشخص، وقبل الصدام معه حول الطريقة التي يريد بها إنجاز شيء ما، أو إذا رأيتِ أنه أعاد فعل شيء طلب منك القيام به لأنه يشعر أن عملك لا يفي بمعاييره الفريدة، تأكدي من أن تسألي نفسك "هل هذه قضية مهمة بما يكفي بالنسبة لي لأجادله أو أتشاجر معه؟" أيضًا إذا وجدت أنه يفضل القيام بشيء ما بنفسه، فلا تأخذي الأمر على محمل شخصي، واعلمي أن هذه السمة جزء من شخصيته وليست انعكاسًا سلبيًا عليكِ .
إذا كنت تشكين في أن زوجك أو أحد أفراد أسرتك مصاب باضطراب الشخصية القهرية، فانتبهي إلى هواجسه وسلوكياته القهرية، فمن المرجح أن يكون الشخص مصابًا بالوسواس القهري أو أي اضطرابات شخصية إذا كانت هواجسهم:
1-بدافع الخطر.
2- تقتصر على مجالين أو ثلاثة مجالات محددة من الحياة.
3- غير عقلانية أو غريبة.
عادةً ما يتردد الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية القهرية في تغيير سلوكياتهم، لأنهم غالبًا ما يرون أن المشكلة في الآخرين، لذا قد يكون من الصعب للغاية مراجعة شخص مصاب باضطراب الشخصية القهرية بشأن سلوكياته، وقد يكون مفيدًا للأشخاص المقربين من المصابين بهذا الاضطراب أن يطلبوا الدعم لأنفسهم، وهناك عديد من المنتديات ومجموعات الدعم التي يمكن للزوج أو الشخص المقرب من المصاب الانضمام إليها.
ختامًا، قد تكون النظرة المستقبلية للأشخاص المصابون باضطراب الشخصية القهرية أفضل من النظرة المستقبلية لاضطرابات الشخصية الأخرى، إذ يمكن أن يساعد العلاج على منحهم وعيًا أكبر حول التأثير السلبي لأعراض الاضطراب على الآخرين، كما أن مصاب هذا الاضطراب يكون أقل عرضة لإدمان المخدرات أو الكحول، وهو أمر شائع مع اضطرابات الشخصية الأخرى، وفي النهاية العثور على العلاج المناسب هو أساس النجاح، ويمكن أن يساعد العلاج السلوكي المعرفي في تحسين قدرة المصاب على التفاعل والتعاطف مع أحبائه.