يجب أن يعلم أي شخص مسؤول عن إدارة موارده البشرية عدة حقائق مهمة عن هذا المورد. ولقد قمنا بوضعها في شكل مختصر وأساسي، يخدم
غرض الدراسة في هذا الكتاب. وهذه الحقائق أو الدروس هي كالآتي: الأفراد مختلفون، والوظائف مختلفة، ومهمة غدارة الموارد البشرية هي التوفيق بينهما.
الدرس الأول: الأفراد مختلفون
خلقنا الله مختلفون. حتى إذا دخلت عملاً ونظرت للناس، لودتهم مختلفين. ليس فقط في الظاهر، وإنما أيضاً من الباطن. فالظاهر يشير إلى أننا مختلفون في ملامحنا، وأعمارنا، وخبراتنا، وتعليمنا، وجنسنا. وهي اختلافات تؤثر في سلوكنا بشكل واضح. والباطن يشير إلى أننا مختلفون في قدراتنا العقلية، وطريقة فهمنا وإدراكنا للأمور، وفي طريقة تعلمنا واكتسابنا للقدرات والمهارات، وفي مشاعرنا، وفي اتجاهاتنا النفسية وفي تفضيل الأشياء. إن هذه الاختلافات توضح كيف أن سلوكنا مختلف عن بعضنا البعض.
ولمزيد من التفصيل، يختلف الناس أيضاً في صفاتهم الشخصية، فنجد شخصاً مرحاً وآخر مكتئباً، وشخصاً اجتماعياً وآخر انطوائياً، وشخصاً منفتحاً في علاقاته مع الآخرين، وآخر متحفظاً في هذه العلاقات، وهذا ذكي ولماح، وذاك أقل ذكاءً وبطيء الفهم، وهذا يحب أن يقود وذاك يحب أن يقاد. حتى في الاهتمامات والميول المهنية، يمكن القول ان الناس يختلفون في تفضيلهم لنوع العمل، فالبعض يرغب في ويفضل أداء الأعمال المكتبية، والآخر يفضل أداء الأعمال ذات الطابع الفني أو الميكانيكي. وربما ترى مهندساً يحب أعمال البيع، وبائعاً يحب تصليح وصيانة الأجهزة.
ونحن أيضاً مختلفون في دوافعنا، فالبعض مدفوع مالياً، والآخر مدفوع اجتماعياًن والآخر مدفوع نحو الشعور بتقدير الآخرين وتحقيق ذاته. وأيضاً يمكن القول أن مهارات الاتصال، والحديث، والمناقشة، والتفاوض، والإقناع، والابتكار، والتأثي في الآخرين، والقيادة تختلف من شخص لآخر.
إن الإدارة المثالية للموارد البشرية تتطلب معرفة أن الأفراد مختلفون، وأن من يدير موارده البشرية عليه أن يقيس وأن يتعرف على هذه الاختلافات لكي ينتقي من بين هؤلاء الأفراد من يناسب العمل والوظيفة.
الدرس الثاني: الوظائف مختلفة
تختلف الوظائف فيما بينها اختلافاً كبيراً. وقد ترجع الاختلافات إلى طبيعة النشاط الذي تنتمي إليه الوظيفة، وذلك من حيث كونها مالية، أو إدارية، أو تسويقية، أو إنتاجية وفنية، أو بحثية، أو أي طبيعة أخرى. وتختلف الوظائف أيضاً من حيث نوعية، وحجم، وعظم المسؤولية الملقاة على عاتقها. وقد تختلف الوظائف من حيث المواصفات المطلوبة لأدائها مثل: التعليم، والخبرة، والمهارات، والتدريب، وتختلف الوظائف أيضاً في ظروف أدائها وذلك من حيث ظروف العمل المادية (إضاءة، وحرارة، ورطوبة، وغيرها) والمخاطر التي تتعرض لها الوظيفة.
وكما يرى القارئ، أن هناك اختلافات واضحة بين الوظائف، وربما يجد القارئ في الفصل الثالث من الكتاب تفصيلاً مسهباً عن كيفية تحليل الوظائف، وكيفية تصميمها. وما يهم هو أن الوظائف مختلفة، فمنها ما يناسب أشخاص معينة، ومنها ما يناسب الآخرين. وبالتالي يتطلب الأمر تحليلاً للوظائف قبل شغلها بأفراد.
الدرس الثالث: وظيفة إدارة الموارد البشرية هي التوفيق بين الأفراد والوظائف.
يوضح الدرس الأول أن الأفراد مختلفون، ويوضح الدرس الثاني ان الوظائف مختلفة، أما الدرس الثالث فيقول بأن وظيفة إدارة الموارد البشرية هي التوفيق بين هذين الاختلافين.
إن المهمة الأساسية للمسؤول عن إدارة الموارد البشرية هي وضع الفرد المناسب في المكان المناسب. فأين الرجل المناسب؟ وأين الوظيفة المناسبة؟ إن وظيفة الموارد البشرية يجب أن تكون واضحة في ذهنه وهي التوفيق بين خصائص الأفراد بما فيها من اختلافات كثيرة، وبين خصائص الوظائف بما فيها من اختلاف أيضاً.
المرجع :
إسم الكتاب : إدارة الموارد البشريـــة
إسم الكاتب : د.أحمد ماهر
دار النشر : الدار الجامعية - الإسكندرية
سنة النشر : 2014
رقم الصفحة : 26