من أبرز الأسباب التي تؤثر على عواطفنا، وتجعل منها عواطف سلبية، التفكير الداخلي، ويحدث هذا عندما نكون منشغلين أكثر من اللازم، بالطريقة التي يعاملنا بها الأشخاص من حولنا، فإذا تصوّرنا أنَّ أحدهم لا يعطينا قدرنا من الاحترام الذي نشعر أنَّنا نستحقّه، وقتها نشعر بالإهانة والغضب، ونرغب في ردّ الإساءة بمثلها.
فلو أنَّ الناس كانوا غير مبالين في التعامل معنا ولا يمنحونا الاحترام الذي نستحقه، فسوف نختبر سلوكياتهم باعتبارها هجوماً على شخصيتنا وذاتنا، فتأويلنا لموقفهم النفسي أو السلوكي المحتمل يجلب لنا الغضب والاحباط.
كيف نتعامل مع آراء الآخرين؟
أشارت الدراسات التي قام بها علماء علم النفس، أنَّ كلّ ما نقوم به يكون الغرض منه، هو زيادة تقديرنا لذاتنا أو إحساسنا بقيمتنا الشخصية، أو بغرض حمايتهما من التقليل منهما من قِبَل الآخرين.
إذا لم يكن تقديرنا لذاتنا مرتفعاً بدرجة كافية، سنكون حساسين بدرجة كبيرة حيال أعمالنا وردود أفعال الآخرين تجاهنا، حيث نأخذ كل أمر على محمل شخصي، تماماً كما لو أنَّ ما قالوه أو فعلوه موجّهاً إلينا عن وعي وقصد، رغم أنَّ ذلك نادر الحدوث.
الحقيقة أنَّ معظم الناس منشغلون بأنفسهم، وبمشكلاتهم، وطريقة معيشتهم وكيفية كسبهم لرزقهم بنسبة عالية جداً، حيث يمضي معظمنا أوقاته مستغرقاً في همومه وأفكاره الخاصة حول نفسه وأسرته، والجزء المتبقي من الوقت من طاقتنا العاطفية يكون للآخرين في هذا العالم.
لذلك فإنَّ الشخص الذي يتجاوزنا في زحمة المرور، ويسبب لنا الغضب والصراخ، هو أكثر استغراقاً في أفكاره الخاصة، فهو غير مدرك لوجودنا أصلاً ﻷنَّه يعيش في همومه وأعماله وأسرته وأحلامه، فسيكون من الحماقة أن ينتابنا الشعور بالغضب والضيق لتصرفه غير المبرر.
الكثير منّا ينشغل بآراء الآخرين والطريقة التي يتحدثون بها، ولا يجلب هذا الأمر لنا سوى المشاكل والشك والضغينة والحقد وسوء الظن، وأكثر من يقوم بالاهتمام بآراء الآخرين هم الأكثر فشلاً، أمَّا الناجحون فلا وقت لديهم للالتفات لما يُقال عنهم أو عن غيرهم، ﻷنَّهم يدركون أنَّ الكلام والآراء التي يتناقلها غيرهم لا تنفعهم ولا تضرهم في شيء، فالعظماء لو التفتوا لِما يُقال عنهم، ما وصلوا إلى قمة النجاح، على العكس تماماً من ذلك الفاشلون الذين يتخبّطون بأقوال الآخرين وأرائهم ويبنون عليها الآمال وهي لا تزيدهم إلا فشلاً.
المصدر
غير تفكيرك غير حياتك، بريان تراسي، رقم الطبعة 2007. علم النفس بين الشخصية والفكر، كامل عويضه.قوة التفكير، إبراهيم الفقي.