في شرفتها بدا أصيص الزرع الصغير وقد نبتت فيه زهور البنفسج الرقيقة بلونيها البنفسجي والأبيض، وظهر أن عنايتها به فائقة، خاصة أنه زهر رقيق يحتاج إلي الكثير من الرعاية، رأى الجميع كم أن الزهور جميلة ونضرة والتربة ندية والرائحة زكية.
كان هذا نتاجًا لاهتمامها الكبير ومعرفتها بأن إهمال تلك الزهور يميتها رويدًا رويدًا، فتبدو في النهاية كأن لم تكن.
هكذا تلك الحياة تهدينا أدوارًا كثيرة، يبدو كل دور منها كأنه نبتة جميلة أو زهرة رقيقة تحتاج إلى العناية والرعاية كي تزهر وتثمر وتبدو بهية ندية متألقة.
كم لكِ من أدوار
1- أنتِ ابنة وأنتِ أخت وأنتِ زوجة وأنتِ أم، هل تلك أدوارك فحسب؟ لا بالطبع، فأنتِ صديقة وابنة خالة وعمة وعم وخال، وأنتِ ابنة أخت أو أخ وأنت جارة وزميلة، وأنتِ أيضًا زوجة ابن وزوجة أخ.
2-قد تُمثل تلك الأدوار عبئًا في بعض الأوقات، لكنها تحفظ لكِ رصيدًا هائلًا من المحبة والعاطفة في ما بقي من العمر.
3-إن اعتنائك بكل علاقة منها وموالاتها بالرعاية وسقايتها بماء الحب والاهتمام، لن يثمر أبدًا سوى كل حب ورعاية، بل وتوازن نفسي رائع.
والاهتمام يحتاج منكِ أيضًا التوازن، فلا تطغي على نفسك، وإنما تتعلمين الموازنة.
أبويك:
أول علاقة إنسانية لكِ في الحياة وسبب وجودك وأصحاب الفضل عليكِ بعد الخالق، بعد وصولنا لسن النضج، قد تظهر بعض الخلافات بيننا وبينهم في أسلوب التفكير، أو ربما في أسلوب الحياة ككل، مهما كنتِ على خلاف معهما، اجعلي البر معهما هدفك واصبري على الخلاف، ولا تجعلي من نفسك مصدر حزن دون أن تتركي خياراتك في الحياة، خاصة المصيرية رهنًا لذلك.
1- بعد زواجك وإنجابك.. اهتمي بهما أكثر ولو بمكالمات هاتفية، لا يمر يوم دون أن تحدثيهما مرة على الأقل، وإن كان بيتك قريبًا منهما فحبذا لو مررت عليهم مرة وسط الأسبوع ومرة نهايته.
2-اجلبي لهما هدايا بسيطة باستمرار، كتاب أو حلوى يحبانها، أو شيئًا تصنعيه من أجلهما أو مفاجأة خاصة لهما، أو نزهة أو حفل ترتبينه للاحتفاء بهما.
3- لا تنس خالاتك وأخوالك وعماتك وأعمامك، ولا تجعلي علاقتهم بأبويك تؤثر عليكِ، فصلة الرحم واجبة.
حمويك..
والد ووالدة زوجك، لا تبدأي العلاقة مع أسرة زوجك بمفهوم الحما والحماة الذي كرسته فينا السينما المصرية، بل ابدأي العلاقة وفي تصورك أمك وأخوك وزوجته مثلًا، أو أنتِ وابنك فيما بعد وزوجته، حينها ستصبرين إن كانت حماتك غيورة أو مختلفة الطباع عنكِ.
1- اطلبي نصيحتها دومًا وحاولي أن تحكي لها بعضاً مما يمر بكِ في عملك، أو حتى في بيتك مما لا تعتبرينه خصوصيات أو في تربيتك لأطفالك، حتى إن كنتِ لن تأخذي بنصيحتها، وإن كانت النصائح مجدية فخذي بها.
2- كل ما قرأتيه عن أبويك افعليه مع حمويك وستجدين نتيجة هائلة.
إخوتك وأخواتك:
الأخوة أجمل كنز في الحياة، وقديمًا قالوا أن كلمة آخ عند الألم هي من أخ لأنه الوحيد الذي يقف بجانبك، كوني على مسافة واحدة من إخوتك حتى لو كان أحدهم أو إحداهن أكثر قربًا منكِ، كوني عادلة وموضوعية عند الخلاف، لا تنس أبناء العمومة وأبناء الخال.
إخوة زوجك وأخواته:
عامليهم كإخوتك دون تبسط شديد مع إخوته الشباب.
جداك:
إن كان جداك على قيد الحياة، فقبلي قدميهما لا رأسيهما ويديهما فحسب.
زملاؤك وزميلاتك في العمل:
كوني ودودة لطيفة معطاءة. ساعدي الجميع وعلمي الأصغر سنًا، لا تبخلي بعلمك ولا تتكبري بتفوقك أو تميزك، وتذكري كيف كنتِ في أول رحلتك المهنية، لا تتبسطي مع الزملاء كثيرًا وكوني ودودة في حدود، لا تنقلي ما يحدث أمامك، ولا تسمحي بأحد أن يعيب أحدًا أمامك، ردي غيبته بأدب أو انسحبي من الحوار.
جيرانك:
كوني جارة هادئة لا يسمع لها صوت، اعتادي على حسن الخلق وعلى السؤال على الجيران، إن علمت بمناسبة سعيدة فهنئي أو بحالة حزن فواسي، كوني متواضعة مع حارس العمارة وأسرته، اسألي عن جيرانك في المناسبات الدينية، حتى لو كانوا من غير دينك.
زوجك:
رفيق الدرب وصديق الحياة، لا تهمليه أبدًا، احكي له ما يهمك في أوقات مناسبة، كوني له الصدر الحنون العاقل الذي يلجأ له إن ألمت به مشكلة، اشركيه في كل شيء وحافظي على خصوصياته إن أراد، لا تتدخلي في مشكلات عائلته ما لم يطلب منكِ ذلك وكوني دومًا حمامة السلام.
أبناؤك:
ثمرة رحلتك وهدف الحياة الأسمى، كوني صديقتهم دومًا، لا تلبسي عباءة الأم في كل الأوقات، اعدلي بينهم، اسمعي منهم، اسمحي لهم بانتقادك أحيانًا واقبلي النقد، واعتذري لهم إن أخطأت في حقهم.
أنتِ:
لا تنس نفسك في كل هذا الزخم من العلاقات الإنسانية الرائعة، تعهدي نفسك بالرعاية للعقل والقلب والجسد.
في كل ذلك.. إن حدث وفقدت إحدى العلاقات مسارها، رمميها تدريجيًا واصبري عليها، فربما يحتاج الترميم لسنوات، إن أمكن اعترفي بخطأك واعتذري واطلبي من الطرف الآخر أن نبدأ صفحة جديدة، أو افعلي ذلك دون مواجهة، ورويدًا رويدًا لتجدين أن ماء الحياة قد تسرب للتربة وبدأت نبتة الحب تُزهر.
ابدأي الآن وفورًا فالحياة قصيرة للغاية.