تتجاوز فائدة القراءة كونها مجرد وقت نمضيه بغرض التسلية أو لننهي واجباً دراسياً طُلب منا. فقد أظهرت دراسة أُجريت مؤخرا أن الاستمتاع بالقراءة بإمكانه تقوية قدرتك على `قراءة العقول`. وأظهر أيضاً هذا البحث الذي نشرته مجلة العلوم Science أن قراءة الأعمال الأدبية (لكن ليس الروايات الخيالية الحالية منها) يغرس مهارة تسمى (نظرية العقل) وهي القدرة على قراءة أفكار ومشاعر الآخرين.
هذه ليست إلا طريقة واحدة من طرق عديدة تقوي فيها القراءة عقلك وتزيد من سعادتك. إليكم هنا 6 أسباب أخرى مثبتة علمياً تجعلك تنطلق إلى القراءة فوراً.
القراءة تروّح التوتر والقلق عن النفس
هل تشعر بالتوتر؟ التقط كتاباً.
أظهر بحث نشرته الغارديان عن مايند لاب في جامعة سوسيكس Mindlab International at the University of Sussex في عام 2009 أن القراءة هي الطريقة الأكثر فاعلية للتخلص من التوتر، وهي تتفوق على أساليب تقليدية لطالما عرفت بقدرتها على تخفيف التوتر مثل الاستماع للموسيقى والاستمتاع بكأس من الشاي أو القهوة أو المشي. فقد استغرق الأشخاص المشاركون في الدراسة 6 دقائق فقط للاسترخاء (الذي تم قياسه بحساب عدد دقات القلب وتوتر العضلات) منذ اللحظة التي بدؤوا فيها بتقليب الصفحات.
“لا يهم حقا أي كتاب تقرأ، فبمجرد الانطلاق بين صفحات الكتاب يمكنك الإفلات من القلق والتوتر الذي تفرزه الحياة اليومية فتقضي وقتاً تذهب فيه في عالم جديد يرسمه خيال المؤلف” كما قال للتلغراف الباحث الدكتور دايفد لويس.
القراءة تبقيك حاد الذهن
عندما تعيش حياة تملؤها القراءة سيبقى دماغك صاحياً عندما تتقدم بالعمر، هذا ما خلصت إليه دراسة نشرت مؤخراً في النسخة الإلكترونية من مجلة الأعصاب Neurology. وقد خلصت الدراسة التي شارك فيها 294 ممن عاشوا وسطياً حتى عمر 89 عاماً، إلى أن أولئك الذين كانوا يمارسون نشاطات محفزة للعقل (مثل القراءة) في مراحل مبكرة وحتى مراحل متقدمة من حياتهم، كان فقدان الذاكرة لديهم أبطأ من أولئك الذين لم يمارسوا مثل هذه النشاطات. وظهر هذا على وجه الخصوص في أولئك الذين كانوا يدربون عقولهم في مرحلة متقدمة من حياتهم، فكان معدل تراجع قواهم العقلية أبطأ ب 32 بالمئة من نظرائهم الذين مارسوا نشاطات ذهنية أقل. أما أولئك الذين كانو يمارسون نشاطات ذهنية بصورة غير منتظمة فقد كانت ذاكرتهم تتراجع بسرعة أكبر بمعدل 48 بالمئة.
“ترى دراستنا أن تمرين الإنسان لذهنه من فترة الطفولة وحتى الوصول إلى عمر متقدم من خلال نشاطات كهذه مهم لصحة العقل عندما يصبح الإنسان في عمر متقدم” كما يقول الدكتور روبرت ويلسون من المركز الطبي لجامعة راش في شيكاغو Rush University Medical Center in Chicago. “لهذا علينا ألا نقلل من شأن تأثير النشاطات اليومية مثل القراءة والكتابة على الأطفال وعلينا وعلى أبائنا وجدودنا.”
كما أن القراءة تجنبك مرض الزهايمر
نشرت صحيفة USA Today بحثاً أجرته Proceedings of the National Academy of Sciences في عام 2001 أظهر أن الأشخاص البالغين الذين لديهم هوايات تُشّغل العقل مثل القراءة وحل الأحاجي يكون احتمال إصابتهم بمرض الزهايمر أقل. واكتفى الباحثون لتوضيح السبب في هذا إلى القول بوجود رابط ما، ولم ينسبوه إلى وجود علاقة السبب والمسبب .”يمكن أن نرد هذه النتائج إما إلا أن قلة النشاط العقلي تجعلك عرضة لخطر الإصابة بمرض الزهايمر أو إلى أن قلة النشاط هي انعكاس للأعراض الأولى الغير ظاهرة للمرض أو إلى كلا السببين معاً” كما ذكرت الدراسة.
“العقل عضو كأي عضو آخر في الجسد، وشيخوخته مرتبطة بكيفية استخدامه”. يقول الدكتور روبرت فريدلاند لصحيفة USA Today. وتماماً كما تقوي النشاطات الجسدية القلب والعضلات والعظام كذلك تقوي النشاطات العقلية من قوة الدماغ ضد المرض.
قد تساعدك القراءة على النوم بشكل أفضل
ينصح العديد من خبراء النوم بوضع روتين يومي لإزالة التوتر قبل الذهاب للسرير لإراحة العقل وتجهيز الجسد للبدء بعملية الإغلاق وإغماض العينين. ويمكن للقراءة أن تكون طريقة رائعة لفعل ذلك (شريطة ألا يكون الكتاب من النوع المشوق بحيث يبقيك صاحياً طوال الليل). والقراءة من كتاب (تحت ضوء خافت) أفضل من القراءة من الكمبيوتر المحمول لأن الأضواء الساطعة، متل تلك المنبعثة من الأجهزة الإلكترونية تعطي إشارة للدماغ بأن وقت الاستيقاظ قد حان.
التعمق في قراءة كتاب قد يجعلك أكثر قدرة على فهم مشاعر الآخرين
وجدت دراسة نشرتها مجلة بلوس ون Plos One ،أن التركيز على قراءة عمل روائي قد يزيد من تعاطفك مع الآخرين. وقد صمم الباحثون في هولندا تجربتين أظهرتا أن الأشخاص الذين تأثروا عاطفياً بعمل روائي أصبح تعاطفهم مع الآخرين أكثر.
“استطعنا من خلال تجربتين إظهار كيف أن المهارات العاطفية تغيرت خلال أسبوع من الزمان أثناء قراءة المشاركين في الدراسة لأحد روايات للمؤلفين آرثر كونان دويلر و جوزي سارماغو.” وظهر في التجربتين أن القراء الذين قرؤوا بعمق كتاب المؤلف دويل أصبحوا أكثر تعاطفاً، أما القراء الذين لم يقرؤوا بعمق ويتأثروا بكتب دويل أو سارماغو فقد أصبحوا أقل تعاطفاً.
لهذا، انطلق وعلّق نفسك في رواية جذابة أو دع نفسك تنجرف وراء شخصية قوية من كتاب، فهذا شيء جيد لك..
كما أن قراءة كتب تطوير الذات يساعد على التخلص من الاكتئاب
أظهرت دراسة نُشرت السنة الماضية في مجلة بلوس ون Plos One أنّ قراءة كتب تطوير الذات المعروفة أيضاً باسم (المساعدة بالقراءة bibliotherapy)، وعند دمجها بجلسات للتعريف بكيفية استخدام هذه الكتب، أدت إلى معدلات أقل من الاكتئاب بعد سنة، مقارنة مع المرضى الذين حصلوا على المساعدة التقليدية للتخلص من الاكتئاب. “وجدنا أن لهذا تأثيراً كبيراً على العلاج وكانت النتائج مشجعة جداً” كما قال لبي بي سي كاتب الدراسة كريستوفر ويليام من جامعة University of Glasgow. “فالاكتئاب يضعف من تحفيز الناس ويجعلهم يعتقدون أن التغيير صعب”.
وحتى أن كتب تطوير الذات تساعد أكثر في حالات الاكتئاب الحاد. فبحسب دراسة من جامعة مانشستر University of Manchester نُشرت سابقا هذه السنة، فإن الناس الذين لديهم اكتئاب حاد يمكنهم الاستفادة من كتب تطوير الذات ومواقع الانترنت التفاعلية بنفس القدر أو حتى بدرجة أكثر من أولئك الذين يعانون من اكتئاب أقل حدة.