التدريب ضروري للنجاح الوظيفي، فهو المسؤول عن زيادة الإنتاجية وتقليل الأخطاء وتعزيز الرضا الوظيفي وانخفاض معدَّل دوران العمالة، وتعود هذه الفوائد على كل من المتدرِّب والمؤسسة إذا فَهِم المديرون المبادئ الكامنة وراء عملية التدريب، وتحقيقاً لهذه الغاية، يجب أن تتَّبع جهود التدريب دائماً بعض المبادئ التوجيهية الهادفة للتعلُّم، ومنها:
1. محاكاة السلوك:
محاكاة السلوك هي ببساطة تقليد سلوك شخص آخر، فلا يترك التعلُّم السلبي الذي لا يتفاعل فيه الشخص أيَّ مجال لمحاكاة السلوك في الفصل الدراسي؛ لذا إن أردت إحداث تغيير في سلوك أحدهم، فاجعله يشاهد أشخاصاً يتصرَّفون تصرفات مناسبة.
2. التشجيع:
تسبق نيةُ التعلُّمِ العلمَ، فعندما يكون الموظف متحمساً للعمل، ينتبه إلى ما يُقال ويُفعَل ويُعرَض؛ ولمعرفة دافعك للتعلُّم، اسأل نفسك هذه الأسئلة: ما مدى أهمية وظيفتي بالنسبة إلي؟ ما قيمة تلك المعلومات؟ هل سيساعدني التعلُّم على التقدُّم في وظيفتي؟ حيث يتعلَّم الناس بسرعة أكبر عندما تكون المادة هامة وذات صلة بهم، ويكون التعلُّم أسرع ويدوم لفترة أطول عندما يشارك المتعلِّم بفاعلية، فمعظم الناس على سبيل المثال لا ينسون أبداً كيفية ركوب الدراجة؛ وذلك لأنَّهم شاركوا بنشاط في عملية التعلُّم.
يجب أن يوفِّر النموذج المحدَّد النوع الصحيح من السلوك ليصلُح للمحاكاة من قِبل الآخرين، فنحن نتعلَّم كثيراً عن السلوك البشري من خلال محاكاة الآخرين، فالأطفال الذين يتعلَّمون من خلال محاكاة سلوك آبائهم يكونون مرتاحين لهذه العملية عندما يكبرون؛ حيث يقول الخبراء إنَّ المديرين يميلون إلى تبنِّي أسلوب الإدارة الذي عهدوه عند مديريهم.
3. الترسيخ:
إذا كوفئ الشخص على سلوك ما، فمن المحتمَل أن يكرِّره، وعند مكافأة السلوكات المرغوبة، يتكوَّن التعزيز الإيجابي؛ لذا يتجنَّب الناس بعض السلوكات التي تستدعي الانتقاد والعقاب.
فمثلاً قد يرغب موظف البنك في إكمال الدراسات العليا في التمويل، إن منحته هذه الدراسة زيادة على راتبه وجعلَته مؤهَّلاً للترقية في المستقبل؛ حيث إنَّ كلاً من المكافآت الخارجية (الاستثمارات والثناء) والمكافآت الداخلية (الشعور بالفخر والإنجاز) المرتبطة بالسلوكات المرغوبة؛ تدفع الأشخاص للتعلُّم بالشكل الأنسب.
كي تكون آلية المكافأة فعَّالة حقاً، يجب على المدرِّب أن يكافئ السلوكات المرغوبة فقط، فمثلاً لو كافأ المدرِّب الشخص على أدائه الضعيف، فقد تكون النتائج كارثية: كأن يتراجع أداء الباقين نتيجة الإحباط، أو تزداد الحوادث، أو تتأثر الإنتاجية.
يعتمد مبدأ التعزيز أيضاً على فرضية أنَّ العقوبة أقل فاعلية في التعلُّم من المكافأة؛ وذلك لأنَّها مؤشر على السلوكات غير المرغوب فيها، كما تؤذي نفسية الموظف، فقد يكرر الأخطاء أو يتجنَّبها، وقد تكون ردود فعله عادية أو شديدة.
يُعدَّ الإجراء المتَّخذ لنهي أيِّ شخص عن تصرفٍ غير مرغوب فيه عقوبة؛ فإن نُفِّذت تنفيذاً صحيحاً، قد يضطر المتدرِّب إلى تغيير السلوكات غير المرغوب فيها أو غير الصائبة.
4. التغذية الراجعة:
يحظى الناس بأفضل تعليم عندما يحصلون على التعزيز في أقرب وقت ممكن بعد التدريب، فيرغب كل موظف في معرفة السلوكات المطلوبة منه ومدى حُسن أدائه، فإن حاد عن السلوكات الصحيحة، فتجب إعادته إلى المسار الصحيح، وتصحيح الأخطاء في مثل هذه الحالات على الفور.
يتحفز المتدرِّب بعد تعلُّم السلوك الصحيح للقيام بالأشياء بالطريقة الصحيحة وكسب المكافآت المرتبطة بها، وعندما نريد تغيير السلوك، فمن الأفضل تقديم تغذية راجعة إيجابية تُظهِر للمتدرِّبين الطريقة الصحيحة للقيام بالأمور، مقارنة بالتغذية الراجعة السلبية كإخبار المتدرب أنَّه على خطأ.
5. توزيع برنامج التدريب:
تسهُل عملية التعلُّم عندما توزَّع جلسات التدريب على فترات زمنية؛ حيث يتعلَّم الموظفون الجدد بوتيرة أسرع إذا وُزِّع برنامج التدريب على فترة يومين أو ثلاثة أيام، بدلاً من تغطيته بالكامل في يوم واحد.
تكون الممارسة الجماعية عادة أكثر فاعلية لتعلُّم المهام، وهذا يشبه طريقة تدريس الأطفال في المدارس حيث يردد الطلاب الأناشيد بصوت عالٍ، فهذه الطريقة مُجدية أكثر من محاولة تحفيظهم كل يوم سطراً واحداً منها؛ وذلك لأنَّهم سينسون النشيد في الوقت الذي يصلون فيه إلى المقطع الأخير؛ لهذا السبب يجب أن تتم الممارسة على فترات متباعدة لاكتساب المهارات؛ حيث يقلل هذا النهج التدريجي من التعب الجسدي الذي يحول دون التعلُّم.