تدريب وتعليم / تدريب الذاكرة / فن تدوين الملاحظات / العصر الرقمي /

فن تدوين الملاحظات في العصر الرقمي

فن تدوين الملاحظات في العصر الرقمي - هنا hana

يُعدُّ فن تدوين الملاحظات قديماً قِدَمَ أيِّ فن آخر؛ فثمة الكثير من الكتب التي تتناول موضوع أبرز سبل تسجيل المعلومات، وتنظيمها بطريقة سريعة ومفهومة؛ كما أنَّ هناك دورات مخصصة لهذا الموضوع في الجامعات.

ومع ذلك، فإنَّ أغلب الناس يتساءلون فيما إذا كانت الأساليب الرقمية أو التقليدية أكثر فاعليةً لتدوين الملاحظات؛ ويبدو أنَّ الناس يفضلون الأساليب التقليدية لتدوين الملاحظات، ويتجاهلون تماماً تقنيات تدوين الملاحظات الرقمية، والتي تساعد في تحديد أسلوب تدوين الملاحظات الذي يناسبهم.


لماذا قد نرغب بتدوين الملاحظات؟


ثمة العديد من الأسباب الكامنة وراء تدوين الملاحظات، ومن الهام أن نبحث عن هذه الأسباب أولاً لتحديد الأسلوب الذي يناسبنا في ظل العصر الحديث؛ إذ تتطلب حاجاتنا المختلفة أساليب مختلفة لتدوين الملاحظات أيضاً؛ حيث تختلف أهمية كل من هذه الاحتياجات بالنسبة لكل منا اختلافاً جذرياً.


يميل طلاب الجامعات والكتَّاب المستقلون إلى تدوين الملاحظات لأسباب مختلفة، لذا إليك بعض من أكثر هذه الأسباب أهميةً وشيوعاً:



- تسجيل المعلومات في كل مكان؛ حيث يتطلب ذلك نظام تدوين ملاحظات يساعدك في تدوين الأفكار، والمعلومات الهامة في أيِّ زمان ومكان، ويضمن عدم نسيانها أبداً.
- الاحتفاظ بالمعلومات التي تتلقاها في المحاضرات والندوات؛ إذ لا يمكنك أن تحمل المحاضرة معك إلى المنزل كالكتاب، ولكنَّ تدوين الملاحظات يساعدك في الاحتفاظ بالمعلومات التي يتم تقديمها شفهياً.

- حل المشكلات؛ حيث يساعدك تدوين الملاحظات على ترتيب الأفكار التي تدور في خلدك بطريقة ملموسة أكثر قبل نسيانها.
- تصوير الأفكار والمفاهيم المعقدة من خلال إنشاء المخططات والرسومات.

الأساليب الرقمية لتدوين الملاحظات:


ازدادت شعبية الأساليب الرقمية لتدوين الملاحظات على مدار السنوات القليلة الماضية على وجه الخصوص؛ حيث اشتهرت تطبيقات مثل "إيفرنوت" (Evernote)، و"ون نوت" (OneNote)، وتلقَّى التطبيق الأول مراجعات إيجابية من العديد من المواقع، بالإضافة إلى أنَّه يدعم العديد من الأجهزة، بما في ذلك جهاز الأيفون (iPhone)، مما يجعله اختياراً ممتازاً إذا كنت تدوِّن الملاحظات بهدف تسجيل المعلومات في كل مكان.

إنَّ إمكانية استخدام التطبيقات السحابية العاملة على عدة منصات في كل مكان ليست الميزة الوحيدة لأساليب تدوين الملاحظات الرقمية؛ بل من ميزاتها أيضاً أنَّها تجعل ملاحظاتك قابلة للفهرسة والبحث، وهو أمر مفيد بحد ذاته؛ كما يستطيع الكثير من الناس الكتابة على الكمبيوتر بسرعة أكبر من استخدام القلم نتيجةً لمتطلبات العصر الذي نعيش فيه.


بالإضافة إلى ذلك، يُعدُّ إدراج الصور، وبطاقات العمل، وشرائح العروض التقديمية، وما شابه ذلك في ملاحظاتك أمر سهل للغاية، والتي ستضطر إلى كتابة كل جزء من المعلومات التي تريد الاحتفاظ بها باستخدام الأساليب التقليدية.

على الجانب الآخر، يصعب استخدام أساليب تدوين الملاحظات الرقمية في بعض النواحي الهامة؛ إذ عادةً ما يكون إنشاء المخططات، والرسومات، والخرائط الذهنية أمراً مستحيلاً، وحتى وإن أمكن ذلك، لن تستمتع بتلك التجربة بأيِّ حال من الأحوال؛ باستثناء استخدام أجهزة الكمبيوتر اللوحية، ولكن لا أحد سيرغب بشرائها لهذا السبب فقط.

إنَّ أيَّ شكل من أشكال تصوير الأفكار محدود للغاية عند استخدام أساليب تدوين الملاحظات الرقمية، ولا يقتصر الأمر على إنشاء المخططات فحسب؛ بل على القدرة على صياغة النص باستخدام أيِّ تنسيق ترغب به دون الاعتماد على الفقرات.

دعنا نعود إلى قائمة أسباب تدوين الملاحظات، ونرى كيفية تطبيقها على الملاحظات الرقمية:




- تسجيل المعلومات في كل مكان: تُعدُّ الأساليب الرقمية الأفضل لتتمكن من تدوين ملاحظاتك أينما كنت، رغم أنَّك ستحتاج إلى بعض الأجهزة الفاخرة، وباهظة الثمن لتحقيق ذلك.
- الاحتفاظ بالمعلومات التي تتلقاها في المحاضرات والندوات: يفضَّل استخدام الأساليب الرقمية في هذه الحالة أيضاً؛ حيث يجد معظم الناس سهولةً أكبر في مجاراة ما يقوله المحاضِر باستخدام جهاز كمبيوتر محمول مقارنةً بالقلم والورق.
- حل المشكلات: تفيد الأساليب الرقمية هنا إلى حد ما، لأنّّه غالباً ما يتطلب حل المشكلات نمط تفكير غير خطي، وبالتالي أسلوباً مماثلاً للتعبير عنها أيضاً، ولكن من خلال الطريقة التقليدية، يظل بإمكانك ترتيب الأفكار على شكل فقرة أو تعداد نقطي.
- تصوير الأفكار: لا تفيدك الأساليب الرقمية في هذه الحالة؛ فأنت بحاجة إلى أدوات متخصصة وباهظة الثمن مثل حاسوب لوحي، أو حتى جهاز لوحي خاص بمصممي الغرافيك لتتمكن من استخدام تدوين الملاحظات لتصوير الأفكار.


الأساليب التقليدية لتدوين الملاحظات:


لقد خدمت أساليب التدوين القديمة والتقليدية باستخدام الأقلام والأوراق الإنسانية خير خدمة لفترة طويلة جداً؛ فإذا ما عدنا إلى التاريخ قليلاً، سنجد أنواعاً كثيرةً من الأدوات التي استُخدِمت في الكتابة كورق البردي، والشمع، والنحت على الحجر، وغيرهم؛ كما أنَّ السبب وراء ميل معظم الدراسات المتعلقة بتدوين الملاحظات إلى تفضيل الأساليب التقليدية هو ببساطة لأنَّها مستخدَمة منذ فترة طويلة؛ إذ لم يجلب أحد جهاز كمبيوتر محمول لتدوين الملاحظات في محاضرة قبل عشر سنوات.

ورغم أنَّ استخدام الأساليب التقليدية يمكن أن يبطئ عملك - إلا إذا تعلمتَ مهارات مثل الكتابة المختزلة، التي عادةً ما يتعلمها الصحفيون ومدونو الملاحظات المحترفون فقط - ويمنعك من البحث عن الفكرة التي تريدها، أو إدراج صورة بين الفقرات (دون عناء العودة إلى المنزل، وطباعة واحدة، ولصقها على الورقة؛ الأمر الذي يفسد الهدف من استخدامها)، ولكنَّها مرنة للغاية؛ فأمامك ورقة فارغة يمكنك تسجيل أفكارك عليها كيفما تشاء.

يمكنك تنسيق النص بطرق غريبة وغير مألوفة؛ كاستخدام طريقة كورنيل (Cornell method) الشهيرة في تدوين الملاحظات (وهو نظام منهجي لتلخيص الملاحظات وتنظيمها ابتكره والتر باوك (Walter Pauk) في أربعينات القرن العشرين)، وإنشاء المخططات، والرسومات، وتصوير الأفكار بالطريقة التي تريدها دون أي صعوبة؛ إذ يصف العديد من محبي تدوين الملاحظات باستخدام الورق بأنَّه يبعث على التحرر.


ثمة سبب هام آخر يجعل الكثير من الناس يفضلون تدوين ملاحظاتهم على الورق، والذي لا يتم ذكره في سياق عملي، وهو أنَّها ملموسة؛ حيث يشعر الناس بكلماتهم حينما يدونونها بخط يدهم بسهولة أكبر مقارنةً مع ما يُحِسُّون به حينما يكتبونها على الشاشة، وإذا كان ذلك يساعدك في معالجة المعلومات بشكل أفضل، فهذا أمر رائع.

لنرَ الآن كيف تتوافق الأساليب التقليدية لتدوين الملاحظات مع قائمة الأسباب التي ذكرناها سابقاً:




- تسجيل المعلومات في كل مكان: لا يوجد سبب يمنعك من أن تحمل مفكرةً معك في كل مكان، ولكن يُعدُّ الأمر أسهل بكثير باستخدام الأساليب الرقمية (ما لم تكن الفكرة التي تود تسجيلها ذات طبيعة مرئية)، إنَّ حمل هاتفك في جيبك أمر سهل، كما يُعدُّ أخذ الكمبيوتر المحمول معك إلى كل مكان أمراً طبيعياً وشائعاً بالنسبة للكثيرين، ولكنَّ اصطحاب قلم ومفكرة معك غير مرغوب دائماً.
- الاحتفاظ بالمعلومات التي تتلقاها في المحاضرات والندوات: إذا كنت بارعاً في الكتابة بسرعة، أو في استخدام تقنية الاختزال، أو تتقن اختصار المعلومات بسرعة كي تتمكن من تدوينها قبل أن يستمر المحاضِر في الحديث، فإنَّ تدوين الملاحظات باستخدام القلم والورقة في المحاضرات أمر فعال تماماً؛ إلا إذا تشنَّجت أصابعك قبل أن تستوعب ما يقوله المتحدِّث.
- حل المشكلات: تُعدُّ أساليب تدوين الملاحظات التقليدية أفضل بكثير من الأساليب الرقمية حينما يتعلق الأمر بحل المشكلات؛ إذ تتمتع بتحكم كامل بالورقة، وهو أمر مفيد للغاية عندما يتعلق الأمر بالتفكير غير الخطي؛ إذ يمكنك تشكيل أفكارك كيفما تشاء، كما تدفعك الكتابة باستخدام القلم على التمهل قليلاً، مما يفيدك في معالجة المعلومات، والخروج بأفكار أكثر من عالم الطباعة سريع الخطى.
- تصوير الأفكار: لا يمكن مقارنة أساليب تدوين الملاحظات الرقمية باستخدام الورقة والقلم لتصوير المفاهيم أبداً، سواء كان ذلك إنشاء مخطط، أم رسم، أم خريطة ذهنية؛ قد يتغير الوضع يوماً ما مع تقدم التكنولوجيا، ولكنَّ الأساليب التقليدية فعالة أكثر في الوقت الحالي.

الخلاصة:


يعتمد اختيار أسلوب تدوين الملاحظات المناسب لك على ما تحتاج إلى القيام به؛ فإذا كنت تحتاج إلى رسم أفكار لعمل خاص بتصميم الجرافيك، عليك بالقلم والورقة، وأما إذا كنت تحتاج إلى تتبع قوائم التسوق، أو الأمور التي عليك إنجازها في اليوم التالي، أو الخروج بأفكار خاصة بمقالات تكتبها، فعليك اختيار الأساليب الرقمية، وفي حال احتجت إلى الاستفادة من الأسلوبين، فاستخدمها كليهما معاً.


لقد أصبحت إيجابيات وسلبيات كل أسلوب واضحةً أمامك، لذا نتمنى أن يكون قرار الاختيار بينهما أصبح أسهل بكثير مما كان عليه من قبل.







انضم الينا الى صفحتنا على الفيس بوك من هنا

تابعى المزيد

احدث المقالات

الاكثر اعجابا