يعد الضحك أسهل الطرق لتحرير النفس من التفكير المستمر والشعور بالسلام الداخلي. وسنتحدث في هذا المقال عن تعريف الضحك، وأسبابه، وفوائد الضحك وأضراره، بالإضافة إلى العلاج بالضحك.
ما هو الضحك؟
يمكن تعريف الضحك (بالإنجليزية: Laughter, Laugh) بأنه رد فعل لبعض المحفزات الخارجية أو الداخلية مثل الدغدغة أو سماع القصص المضحكة. حيث تتقلص عضلات الوجه بانسجام، ويغطي لسان المزمار الحنجرة جزئياً، ويحدث اللهاث. وإذا استمر الضحك بشدة لفترة طويلة يتحول الوجه إلى اللون الأحمر بسبب نقص كمية الأكسجين، وتنشط القنوات الدمعية وتنزل ما يسمى بدموع الفرح.
ما هي اسباب الضحك؟
يعد السبب الرئيسي للضحك أنه وسيلة للتعبير عن مشاعر الفرح والسعادة، ويضحك الإنسان غالباً في المواقف التالية:
-التواصل مع الأشخاص المرحين.
-سماع أصوات ضحك الآخرين.
-مشاهدة الفيديوهات الكوميدية أو قراءة القصص الفكاهية.
-رؤية شخص بشكل مفاجئ.
كما يمكن أن يحدث الضحك بسبب الإحراج أو الانزعاج ويسمى في هذه الحالة (الضحك العصبي).
ما هي فوائد الضحك والابتسامة؟
تتعدد فوائد الضحك والابتسام على الجسم، وتشمل:
-يمنع ظهور علامات الشيخوخة المبكرة والتجاعيد؛ وذلك بسبب إفراز الجسم لهرمون مضاد للشيخوخة.
-يقلل مستويات السكر في الدم عند مرضى السكري من النوع الثاني.
-يخفض ضغط الدم، ويقلل من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
-يرخي العضلات ويقلل من التوتر الجسدي.
-يقي من أمراض الصدر مثل الربو.
-يحسن معدل الهضم.
-يقوي الذاكرة.
-يعزز من الإبداع والتركيز ويساعد على التعلم بشكل أسرع وأحسن.
-يقوي القلب والأوعية الدموية ويزيد من تدفق الدم؛ وبالتالي يقلل من الإصابة بالنوبات القلبية، وأمراض القلب والأوعية الدموية الأخرى.
-يقوي المناعة من خلال تقليل هرمونات الإجهاد مثل هرمون الكورتيزول، وزيادة الأجسام المضادة والخلايا المناعية.
-يحرق السعرات الحرارية، حيث وجد أن الضحك لمدة تتراوح من 10 إلى 15 دقيقة يومياً يحرق ما يعادل 40 سعرة حرارية تقريباً، جنباً إلى جنب مع ممارسة الرياضة.
-يقلل من الإحساس بالألم سواء كان جسدياً أو نفسياً، وذلك بسبب إفراز هرمون الإندورفين عند الضحك، وهو هرمون يفرزه المخ لتقليل الألم كما أن الضحك يبعد العقل عن التفكير في الألم.
فوائد الضحك النفسية
تتعدد فوائد الضحك النفسية، وتشمل:
-يقلل من الإجهاد نظراً لأنه يقلل من هرمون الكورتيزول والأدرينالين، ويحفز الدورة الدموية.
-يقلل من القلق.
-يقلل من الأرق ويساعد على النوم بشكل صحي وسليم.
-يحسن الحالة المزاجية، ويقلل من الشعور بالاكتئاب مثل اكتئاب بعد انقطاع الطمث، والاكتئاب عند مرضى السرطان.
-يزيد الطاقة والنشاط.
-يخفف الضغط النفسي.
-يزيد من الثقة بالنفس واحترام الذات، ويساعد على بناء شخصية صحية.
كما تتبين أهمية الضحك في المواقف الصعبة؛ حيث أن الضحك يمنح الشجاعة والقوة على تخطي المواقف الصعبة التي عادة ما تفرضها ظروف الحياة من خلال المساعدة على التكيف والشعور بالرضا، والتعامل مع المواقف بطريقة مختلفة وأكثر إبداعاً بالتفكير خارج الصندوق وإيجاد حلول جديدة وتحويلها إلى فرصة للتعلم الإبداعي. كما أنه يقلل المشاعر السلبية مثل التوتر والقلق، ويزيد من الشعور بالأمل والتفائل والارتياح.
فوائد الضحك الاجتماعية
تتمثل فوائد الضحك الاجتماعية في أنه يقوي العلاقات الاجتماعية، ويزيد من التفاعل مع الآخرين، ويسهل إنشاء علاقات جديدة، ويزيد حب العمل الجماعي لأنه يزيد من المشاعر الإيجابية والروابط العاطفية، ويقلل من الإحساس بالغضب ويزيد من الإحساس بالتسامح، وبذلك يعد الضحك علاج سحري لحل غالبية الاختلافات كما أنه يساعد على التركيز والإنجاز في العمل، فهو أقصر طريق للتواصل مع الآخرين.
فوائد الضحك للحامل والجنين والطفل
لا توجد أضرار للضحك على الحامل أو طفلها، إلا أنه قد يؤدي إلى الإرهاق كونه يسبب شد عضلات البطن بسبب تمدد العضلات عند الضحك الشديد. ومع ذلك، تتعدد فوائد الضحك للأم وطفلها أثناء الحمل.
أما عن فوائد الضحك للحامل فهي:
-منع اكتئاب الحمل.
-تقليل ضغط الدم.
-تقليل خطر الولادة المبكرة.
-تقوية مناعة الأم التي تكون في أدنى مستوياتها أثناء الحمل.
-التقليل من الآلام أثناء الحمل.
- الشعور بالهدوء والاسترخاء.
وتتمثل فوائد الضحك للجنين في تعزيز نموه، وتطور جهازه العصبي بشكل أفضل، ومنحه الشعور بالأمان والبهجة. يتراوح عدد مرات الضحك الصحي عند الطفل الصغير 400 مرة يومياً، ويبدأ الطفل الرضيع بالضحك بعد 17 يوماً من ولادته، وتتعدد فوائد الضحك للطفل مثل البالغين تماماً كما ذكرنا بالأعلى، ولكن قد تدل نوبة الضحك المفرط على حالة مرضية عند الأطفال مثل ورم حميد في المخ، أو متلازمة انجلمان أو متلازمة توريت.
العلاج بالضحك
يعد العلاج بالضحك نوع من أنواع العلاج التكميلي لتخفيف الألم والتوتر النفسي، ويستخدم للمساعدة على التعامل مع مرض خطير وزيادة فرص الشفاء منه مثل السرطان، ويشمل العلاج بالضحك الأنواع التالية:
-العلاج بالدعابة: وذلك باستخدام البرامج والفيديوهات المضحكة، أو قراءة الكتب المضحكة، ويؤدى بشكل فردي أو في مجموعات.
العلاج بالمهرج: ويستخدم في المستشفيات ومراكز العلاج، حيث يقدم المهرج العروض المضحكة مثل: السحر، واللعب.
-يوغا الضحك: وتجمع يوغا الضحك بين تمارين الضحك والتنفس لتعلم كيفية الضحك بدون الاعتماد على النكات، وهي تشبه اليوغا التقليدية، ويمكن أن تؤدى في النادي، ويقودها مدرب، وفيها تمارس تمارين لمدة تتراوح من نصف ساعة إلى ساعة حيث تبدأ بتمارين الإحماء مثل التمدد، والهتاف، والتصفيق، ثم سلسلة من تمارين الضحك والتنفس ثم تكرر حتى يتحول الضحك المزيف إلى حقيقة، وعادة ما يتبعها التأمل بالضحك.
-التأمل بالضحك: يعد التأمل بالضحك من أسهل أشكال التأمل، ويمكن ممارسته دون الحاجة إلى المشورة الطبية، ويستغرق مدة التمرين 15 دقيقة تقريباً، ولابد من ممارسته يومياً لمدة شهر على الأقل حتى تظهر نتائجه، ويتكون التأمل بالضحك من ثلاث مراحل:
•مرحلة الإطالة: وتعني شد الجسم كله بالوقوف على أصابع القدم، وسحب الذراعين فوق الرأس، وشبك أصابع اليدين، ثم الانحناء ولمس القدمين، ثم إرخاء عضلات الفك والوجه بالتثاؤب مرتين على الأقل لمدة تتراوح من دقيقة إلى دقيقتين.
•مرحلة الضحك: وهي الجلوس أو الوقوف بشكل مريح، والبدء بالابتسام، ثم الضحك البسيط، ثم الضحك العميق الذي تشعر به من البطن لمدة تتراوح من 3 إلى 5 دقائق، ويمكن تجربة عدة أنوع مختلفة من الضحك حتى تحول الضحك المزيف إلى حقيقة.
•مرحلة التأمل: وهي الجلوس أو الاستلقاء على الأرض، والتوقف عن الضحك، وغلق العينين، والتنفس بدون صوت، وتجاهل أي أفكار والتركيز الشديد.
اضرار الضحك الشديد
يمكن أن تكون أسباب كثرة الضحك الإصابة بحالات مرضية، وأشهرها الاكتئاب، وفصام الشخصية، والاضطراب النمائي واسع الانتشار، أو بسبب تناول بعض الأدوية والعقاقير، أو إدمان المخدرات. ونادراً ما يكون الضحك قاتلاً، وقد يسبب الموت في بعض الحالات مثل:
-قد يؤدي الضحك الشديد إلى تمدد الأوعية الدموية المخية وتمزقها، وزيادة الضغط داخل الجمجمة مما يؤدي إلى قلة الإمداد الدموي للمخ، والإصابة بالغيبوبة، أو الموت، ومن أعراضها صداع شديد ومفاجئ، والقيء، والرؤية المزدوجة، وحدوث تشنجات، وحساسية الضوء، والارتباك.
-قد يسبب الضحك الشديد الإصابة بنوبة ربو حادة تتراوح شدتها من أعراض بسيطة إلى نوبة شديدة تسبب ضيق التنفس، ويؤدي الضحك الشديد إلى توقف التنفس أو القلب في حالة عدم تلقي العلاج الفوري.
-قد يسبب الضحك الشديد الموت في حالة وجود أورام منطقة ما تحت المهاد في المخ.
قد يسبب الضحك الشديد الموت في حالة الإصابة بالصرع الضحكي، وهي نوبات من الضحك لا يمكن السيطرة عليها أثناء الاستيقاظ أو النوم.
قد يسبب الضحك الشديد الموت في حالة استنشاق جرعة زائدة من أكسيد النيتروجين، وهو مخدر يستخدم في بعض إجراءات الأسنان ويسمى بالغاز المضحك، حيث يؤدي الضحك الشديد إلى ضيق التنفس أو الاختناق.
-قد يسبب الضحك الشديد الموت في حالة المعاناة من ضغط الدم المنخفض، أو انخفاض معدل ضربات القلب، أو الجفاف، أو التعرق الشديد، حيث يؤدي الضحك الشديد إلى الإصابة بالإغماء.
مرض الضحك الهستيري
يمكن أن يدل الضحك بدون سبب على الإصابة بمرض الضحك الهستيري، وفيما يلي بعض المعلومات عنه:
-يعد مرض الضحك الهستيري (بالإنجليزية: Pseudobulbar Affect Or PBA) اضطراب عصبي، حيث لا يمكن التحكم في الضحك أو البكاء أو الغضب.
-تتمثل أعراض مرض الضحك الهستيري في اختلاف تعابير الوجه مع العواطف، ونوبات مفاجئة شديدة مبالغ فيها، وتكون متكررة، ولا إرادية، ولا يمكن السيطرة عليها، وغير مرتبطة بالحالة العاطفية من البكاء أو الضحك، ، وتحدث الأعراض عدة مرات في اليوم أو في الشهر.
-يحدث مرض الضحك الهستيري بسبب تلف القشرة الأمامية للمخ التي تتحكم في العواطف، وليس بسبب التغير المزاجي كما يعتقد البعض، ويحدث عادة للأشخاص الذين يعانون من أمراض تؤثر على المخ مثل التصلب الجانبي الضموري، ومرض الزهايمر، ومرض الشلل الرعاش، وأورام المخ، والسكتة الدماغية، والتصلب العصبي المتعدد.
-تتمثل مضاعفات مرض الضحك الهستيري في الشعور بالإحراج مما يؤدي إلى العزلة الاجتماعية والإصابة بالاكتئاب.
-يهدف علاج الضحك بدون سبب أو مرض الضحك الهستيري إلى تقليل شدة وعدد مرات النوبات، وتشمل خيارات الدواء التي يصفها الطبيب مضادات الاكتئاب، وهيدروبروميد ديكستروميتورفان، وكبريتات الكينيدين.
-يمكن اتباع بعض النصائح للتعايش مع مرض الضحك الهستيري مثل تغيير طريقة الجلوس أو الوقوف عند الشعور بالنوبة، والتنفس ببطء وبعمق، والاسترخاء بعد حدوث النوبة.
الضحك في الاسلام
يعد دين الإسلام دين الاعتدال والوسطية والفطرة، يحبذ الضحك وينهى عن العبوس حيث أنه جعل التبسم عند لقاء الأخ لأخيه من الصدقات، وبذلك وجب على المسلم أن يكون بشوش الوجه متفائل الشخصية ولا يكون مكتئب أو متشائم.
وأسوة المسلمين في ذلك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبالرغم من همومه الكثيرة كان يمزح ولا يقول إلا حقاً ولا يحقر أو يهزأ أو يسخر من أي إنسان، ويشارك أصحابه الضحك والمزاح، كما يشاركهم، وكان يمازح أهل بيته.
ومع ذلك، حذر النبي صلى الله عليه وسلم من كثرة الضحك بدون سبب أو القهقهة (أي أن ما نهي عنه هو الإكثار والمبالغة) بقوله صلى الله عليه وسلم: (إياك وكثرة الضحك، فإنه يميت القلب، ويذهب بنور الوجه) لما له آثار سيئة مثل قسوة القلب، وذهاب الهيبة، وضياع الوقت.